كيف تختار موضوعًا لرسالة الماجستير؟
كيف تختار موضوعًا لرسالة الماجستير؟ حقيقة وقبل البدء في ذلك الموضوع كان هناك حيرة تنتابُني، وهي تتشابه مع ما يشعر به الباحث بعد إنهاء مرحلة الدراسة التحضيرية للماجستير، والتي قد تصل مُدَّتها إلى عامين، وفي النهاية يدخل الباحث في أهم مرحلة، وهي تنفيذ رسالة الماجستير، وعلى الرغم من مُحاولة كثيرين أن يجدوا لأنفسهم مُتنفَّسًا في مراحل ماضية، واستباق الأحداث، وتجهيز مادة الرسالة العلمية أثناء الدراسة، إلا أن كثيرًا منهم قد يتراجعون عن ذلك؛ ويتركون هذا الأمر لآخر فترة؛ علَّهم يجدون موضوع رسالة أكثر حيوية، ويُساعدهم في الحصول على الدرجة العلمية المرجوة في المستقبل، وبداية ندعو الله أن يُوفِّق جميع طلاب الدِّراسات العُليا في تحقيق آمالهم بالحصول على درجة الماجستير، والتي تُعَدُّ حلقة وصل فاصلة بين الدراسة الجامعية ومرحلة الدكتوراه، وسوف نستعرض في هذا المقال إجابةً مُفصَّلة عن سؤال: كيف تختار موضوعًا لرسالة الماجستير؟
ما مصادر اختيار موضوع لرسالة الماجستير؟
وذلك الجزء يخصُّ الطلاب الذين لا تضع لهم الجامعات خيارات محددة، ويُمكنهم اختيار موضوع رسالة الماجستير بأنفسهم، ويُمكن ذلك من خلال المصادر التالية:
- الحياة العامة المُحيطة بالباحثين: كل مجتمع يُخالطه إيجابيات وسلبيات، ويُمكن ترجمة ذلك بشكل عملي، وَمِنْ ثَمَّ اشتقاق موضوع لرسالة ماجستير في ضوء ذلك، بما يُحقِّق خدمة للعلم أو المُجتمع، فعلى سبيل المثال في حالة كون الباحث مُتخصصًا في الخدمة الاجتماعية، فإن هناك سلبيات مُجتمعية كثيرة، ويُمكن من خلال معارفه ومعلوماته، أن يتصدَّى لها، ويصوغها في صورة رسالة، ويدرس الأسباب، والعلاقات، بما يُساعد في حل إشكالية، وبالمثل باقي الباحثين، وفي التخصُّصات المُتباينة.
- مواقع شبكة الإنترنت المتخصصة: الاطلاع والقراءة إحدى سمات الباحث العلمي بوجه عام، وفي ضوء ما يُقرأ يُمكن أن يلحظ الباحث موضوعًا يتبنَّاه في رسالته، وحبَّذا لو كانت القراءة في المواقع العلمية المُثبتة، أو المُقيَّمة من جانب الخبراء، مثل مواقع نشر البحوث العلمية، أو الموسوعات الرقمية، أو الدوريات، والهدف من ذلك هو صياغة موضوع الرسالة بشكل صحيح، وبأسلوب مُنضبط، وخاصَّةً في ظل وجود مواقع لا يُمكن الاعتماد عليها فيما تقدمه من موضوعات؛ فالباحث يجب أن يتحرى الدقة، وداعمة في ذلك المصادر الأولية.
- الدِّراسات السابقة ذات الصلة: لكل تخصُّص علمي دراساته السابقة، والبحث العلمي متصل، ويُمكن أن تُثير دراسة سابقة شغف الباحث، فهو يرى أنه يُمكن أن يُضيف الجديد، وعلى عكس ما ساقه السابقون، وذلك ليس عيب فيهم، ولكن ما توافر لديهم من مقومات ومعارف جعلهم يُقيِّمون الأوضاع وفقًا لذلك، وَمِنْ ثَمَّ يُوجِّه إليهم الباحث النقد بشكل مُتأدِّب، ويسوق منتجًا جديدًا.
ما المعايير أو المُحدِّدات بالنسبة لاختيار موضوع لرسالة الماجستير؟
هناك مجموعة من المعايير التي يجب أن يُراعيها الباحث عند اختيار موضوع لرسالة الماجستير، وسوف نُوضِّحها فيما يلي:
إيمان الباحث بقضية علمية مُعيَّنة: نظرة الباحث العلمي تختلف عن الأفراد التقليديين؛ فهو يمتلك عُمقًا في التفكير، ولا ينظر للأمور بشكل سطحي، ولنا في "إسحاق نيوتن" عبرة في ذلك؛ حيث اكتشف قانون الجاذبية 1666م، وذلك عبر التفكير المُضني في سقوط تفاحة من إحدى الشجرات بحديقة منزل والدته، وكان ذلك بداية فتح علمي جديد؛ حيث ظهرت قوانين العجلة والتسارع، بالإضافة إلى تفسير دوران الكواكب حول الشمس، وعلى الرغم من مثالية ما نقوله، واعتقاد البعض من الباحثين أن تلك أمور بعيدة المنال، وَمِنْ ثَمَّ صعوبة قيام أحدهم بتوثيق نظرية جديدة في نوعيتها، فإن ذلك من وجهة نظرنا مدعاة لليأس والإحباط، ويجب أن يتَّسم باحثينا بالطموح، والجد، والمُثابرة، فأوطانهم أمانة في أعناقهم.
أهمية موضوع رسالة الماجستير: على عكس الفترة الماضية، والتي كان يشوبها التراخي من جانب بعض الأساتذة الأكاديميين ممَّن يُناقشون الرسائل العلمية، أصبحت جميع الجهات الجامعية تهتمُّ بموضوع رسالة الماجستير، وعلى رأسهم المُشرف الذي يُساعد الباحث في البداية، والهدف من ذلك الابتعاد عن التَّشابه مع الرسائل الأخرى، وفي الوقت نفسه تقديم قيمة حقيقية في مُختلف الميادين العلمية، ولفظ جميع أشكال النَّسخ وما سبَّبه لنا من سلبيات، ومن أبرزها عدم وجود أبحاث جديدة غير نمطية.
تكلفة تنفيذ رسالة الماجستير: عُنصر التكلفة من بين العناصر الأساسية في تحديد وجهة الباحث في اختيار موضوع رسالة الماجستير، وعلى سبيل المثال في حالة صياغة موضوع فيزيائي باسم "مُقارنة بين مجرَّتي الطريق اللبني (درب التبَّانة) وأندروميدا (المرأة المسلسلة)"، وبالمناسبة مجرَّة الطريق اللبني هي المجرَّة التي تحوي مجموعتنا الشمسية، وبالتبعية كوكب الأرض، أما مجرَّة أندروميدا فهي إحدى مجرَّات الكون المنظور، وهي حلزونية الشكل كمجرَّتنا، وتبعد عنَّا بما يُقارب 2.6 مليون سنة ضوئية، وفي حالة الرغبة في الكتابة بذلك الموضوع، فإن الأمر يتطلَّب مبالغ مالية، ومقومات تقنية هائلة؛ من أجل الوصول لنتائج جديدة، وإلا قام الباحث باتِّباع أثر غيره، وصياغة معلومات قديمة لا تُسمن ولا تُغني من جوع، والمُحصِّلة ممَّا سبق سرده هو أهمية أن يكون موضوع رسالة الماجستير في ضوء ما يستطيع الباحث إنفاقه من أموال؛ كي يظهر بالشكل المُنضبط، مع تحقيق فائدة علمية ملموسة.
الفترة المُتاحة للباحث تنفيذ رسالة الماجستير: تلعب فترة تنفيذ رسالة الماجستير دورًا كبيرًا في تحديد توجُّهات الباحث؛ ففي حالة كون الباحث سوف ينفذ الرسالة في ثمانية أشهر مثلًا؛ فيجب أن يكون اختياره وفقًا لذلك الوقت، ولا ينبغي أن يُقحم نفسه في موضوع يتطلَّب مُعدَّلًا زمنيًّا أكبر من ذلك؛ فهي معركة خاسرة، ويجب أن يكون الباحث فطنًا لذلك، ويتناول المُستطاع.
وجود معلومات وافية عن موضوع رسالة الماجستير: يجب أن تأتي القيمة المعلوماتية للبحث العلمي في طليعة ما يهتم به الباحثون، والهدف هو دراسة الجوانب الخاصَّة بالظاهرة أو الإشكالية العلمية، وفي حالة عدم توافُر معلومات، فإن رسالة الماجستير سوف تكون مُبهمة، وغير مفهومة الأبعاد، وطالما كان ذلك فإن النتائج والمُخرجات النهائية سوف تُصبح بلا قيمة، وهنا تظهر أهمية المعلومات بالنسبة للموضوع المصوغ عبر رسالة الماجستير.
ما الخطوات الإجرائية بعد اختيار موضوع رسالة الماجستير؟
- تختلف الإجراءات من جامعة لأخرى، وفي الغالب يقترح الباحث أكثر من موضوع لرسالة الماجستير، وليكُن 6 موضوعات أو على حسب ما تُمليه الجهة الدراسية، ثم يقوم بإرسالها إلى رئيس القسم، من أجل تقييم عناوين الرسائل مع المُختصِّين.
- في حالة كون أحد موضوعات رسائل الماجستير مُناسبًا يتمُّ إبلاغ الباحث بذلك، وَمِنْ ثَمَّ تحديد مُشرف أو أكثر للرسالة، أما في حالة عدم المُوافقة على المُقترحات؛ فينبغي على الباحث اقتراح أخرى، وإعادة الكرَّة من جديد.
- بعد الانتهاء من المُوافقة على موضوع الرسالة؛ يقوم الباحث بكتابة خطة البحث، وإرسالها للمُشرف، ومن المُفضَّل أن يستعين الباحث بذوي الخبرة قبل كتابة خطة البحث؛ لضمان مرورها بسلام، ولكن ينبغي هنا التنويه لإمكانية قيام المُشرف بطلب تعديلات على الخطة وأكثر من مرَّة؛ لذا وجب على الباحث التَّحلِّي بالصبر في تلك المرحلة، وبعد أن يُوافق المُشرف عليها، يبدأ الباحث في الخطوات التنفيذية لكتابة رسالة الماجستير.
وفي نهاية عرضنا لإجابة سؤال: كيف تختار موضوع لرسالة الماجستير؟ ندعو الله بالتوفيق لجميع من يعملون في المنظومة البحثية بأوطاننا العربية الحبيبة.
يقدم موقع مبتعث للدراسات والاستشارات الاكاديمية العديد من الخدمات في رسائل الماجستير والدكتوراة لطلبة الدراسات العليا .. لطلب اي من هذه الخدمات