Whatsapp
كيف تكتب مقدمة بحث ؟

كيف تكتب مقدمة بحث ؟

كيف تكتب مقدمة بحث ؟

مفهوم مقدمة بحث علمي أصيل

مقدمة البحث العلمي الأصيل هي الجزء التمهيدي الذي يفتتح به الباحث دراسته، وتُعد من أهم مكوّنات البحث، لأنها بمثابة المدخل الفكري والمنهجي الذي يُمكّن القارئ من فهم السياق العام والخاص للموضوع، ويُقدّم له صورة شاملة حول لماذا اختيرت هذه الدراسة، وما المسار الفكري والمنطقي الذي سيسلكه الباحث.

هي ليست مجرد مقدمة شكلية، بل هي ركيزة أساسية في بنية البحث العلمي، وتلعب دورًا محوريًا في رسم الخلفية العلمية، وتحديد موقع الدراسة ضمن الجدل العلمي القائم، وتوجيه القارئ نحو التساؤلات أو الإشكالات التي يسعى الباحث لمعالجتها.

المقدمة في البحث الأصيل تختلف عن "المقالات العامة" أو "الأبحاث المختصرة"، فهي جزءٌ من مشروع علمي قائم على أصالة الفكرة، ووضوح المنهج، وجدّة الطرح. لذلك، تُكتب المقدمة بعناية، وتُصاغ بلغة أكاديمية، ويُراعى فيها التدرج المنطقي في عرض الأفكار.

كيف تكتب مقدمة بحث ؟

 إن كيفية كتابة مقدمة بحث علمي أصيل تُعد من أهم الاسئلة التي يطرحها الباحث في بداية الكتابة العلمية؛ حيث تعد المقدمة الخطوة الأولى التي يُمهّد بها الباحث الطريق نحو موضوع دراسته،  وتبدأ بطرح تمهيدي عام يُعطي القارئ لمحة أولية عن المجال العام الذي تدور حوله الدراسة. من خلال هذا التمهيد، ينتقل الباحث تدريجيًا من الإطار الواسع إلى الإطار الأكثر تحديدًا، حيث يتناول موضوع الدراسة بشكل أوضح، ويربطه بالواقع أو السياق الذي ينبثق منه. وفي هذا الانتقال التدريجي، يبدأ الباحث بالتطرق إلى المتغيرات الرئيسة في دراسته، موضحًا طبيعتها بشكل مبسط دون الدخول في تفاصيل تحليلية، وإنما فقط تقديمها للقارئ بطريقة تثير اهتمامه وتُمهّد لفهم العلاقة بينها.

هذا التسلسل المنطقي في الطرح يساعد على بناء أرضية معرفية مشتركة بين الباحث والقارئ، بحيث يتمكن الأخير من تتبع مسار الفكرة من العام إلى الخاص، إلى أن يصل في نهاية المقدمة إلى جوهر الموضوع، وهو ما يُمثل الإشكالية أو الفجوة التي تسعى الدراسة إلى معالجتها، والتي تُصاغ غالبًا على شكل هدف رئيسي واضح ومباشر.

وعليه، فإن المقدمة لا تهدف فقط إلى عرض خلفية نظرية، بل تهدف أيضًا إلى خلق ترابط ذهني لدى القارئ يمكّنه من إدراك أهمية البحث وفهم مبرراته. فهي تُعد بمثابة جسد تمهيدي متماسك، يربط بين فضاء الفكرة العامة وحدود الموضوع المحدد، ويقود نحو التساؤل المركزي أو الهدف الذي سيتناول الباحث تفصيله في بقية أقسام الدراسة

أهمية كتابة مقدمة بحث علمي أصيل

قبل أن يتم توضيح أسس كتابة مقدمة بحث علمي أصيل  لابد من توضيح أهميتها وعدد من شروط كتابة مقدمة البحث العلمي من خلال ما يأتي:

1. تهيئة القارئ لفهم موضوع الدراسة

تساعد المقدمة في إدخال القارئ إلى جو البحث بطريقة تدريجية ومدروسة، حيث تبدأ بتقديم خلفية عامة، ثم تنتقل إلى زوايا أكثر تحديدًا. هذا التسلسل يمكّن القارئ من فهم السياق الذي جاءت فيه الدراسة، ولماذا كُتبت. فبدون مقدمة واضحة، يشعر القارئ بأنه "دخل مباشرة في منتصف الحديث" دون معرفة الخلفية أو السبب.

 2. تحديد موقع الدراسة ضمن المجال العلمي

تُظهر المقدمة كيف ترتبط الدراسة بالأدبيات السابقة، وما إذا كانت تُكمّلها أو تفتح بابًا جديدًا للبحث. أي أنها تُبرّر للباحث لماذا اختار هذا الموضوع بالذات، وتُبيّن ما إذا كان هناك نقص أو فجوة في المعرفة العلمية الحالية. وهذا ما يعطي للدراسة صفة "الأصالة"، لأن الباحث لا يكرر ما سبق، بل يبني على ما تم إنجازه.

 3. عرض الإشكالية بطريقة منهجية غير مباشرة

واحدة من أهم وظائف المقدمة هي التمهيد لعرض الإشكالية الأساسية للدراسة، أي المشكلة أو التساؤل أو الفجوة العلمية التي يسعى الباحث لفهمها أو تفسيرها أو حلّها. لكن لا تُعرض هذه الإشكالية بطريقة جافة أو مباشرة، بل تُبنى من خلال التدرّج في عرض الواقع، والانتقال من العام إلى الخاص.

4. تحقيق الاتساق المنطقي لبنية البحث

مقدمة البحث تعمل كجسر بين القارئ وبقية مكوّنات الدراسة. فإذا كُتبت المقدمة بطريقة منطقية ومنظمة، فإنها تسهم في جعل باقي أجزاء البحث أكثر وضوحًا وسلاسة. فهي تُمهّد لما سيأتي لاحقًا في الإطار النظري، والمنهجية، والتحليل.

من دون مقدمة جيدة، يظهر البحث وكأنه مفكك، أو غير مترابط في أفكاره وتسلسله.

 5. إبراز أهمية الموضوع وجدواه العلمية أو التطبيقية

من خلال المقدمة، يُمكن للباحث أن يُقنع القارئ (أو لجنة التحكيم) بأن هذا الموضوع يستحق الدراسة فعلًا، وأن له قيمة علمية أو عملية في مجاله. قد تكون هذه القيمة في سدّ فجوة بحثية، أو في تقديم حلول لتحديات معاصرة، أو في اقتراح منظور جديد لم يُتناول من قبل.

 6. عكس مستوى الباحث العلمي

المقدمة تكشف بشكل غير مباشر عن قدرة الباحث الأكاديمية والفكرية، من خلال طريقة الطرح، واختيار الألفاظ، والتسلسل المنطقي، وربط الأفكار. كتابة مقدمة قوية تُعطي انطباعًا بأن الباحث متمكن من مجاله، وواعٍ بما يبحث فيه.

7. تحقيق التمايز والتميّز في البحث

في ظل كثرة الدراسات، فإن الكثير من الأبحاث تتشابه في العناوين أو المجالات. لكن المقدمة هي المجال الذي يمكن للباحث أن يتميّز من خلاله، عبر طريقة صياغته للفكرة، وعرضه لأهمية الموضوع، وتقديمه له من منظور جديد.

خطوات كتابة مقدمة بحث

يمكن تلخيص طريقة صياغة مقدمة بحث علمي أصيل من خلال اتباع الخطوات الخمس الآتية: 

الخطوة الأولى: التمهيد العام للموضوع

في بداية المقدمة، يجب أن تكتب تمهيدًا عامًا يُدخل القارئ إلى الموضوع من زاوية واسعة. هذا التمهيد لا يتحدث عن متغيرات الدراسة بعد، بل يعطي خلفية عامة عن المجال الذي تدور فيه الدراسة، ولماذا هو مهم في العصر الحالي وفي ما يأتي مثال على ذلك:

يشهد العالم في الوقت الراهن تطورًا هائلًا في مجالات التقنية الحديثة، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي، الذي بات يشكل ركيزة أساسية في مختلف مناحي الحياة. فقد أصبح الذكاء الاصطناعي أداة محورية في تحسين كفاءة العمليات، واتخاذ القرار، والتنبؤ بالمستقبل، ما أدى إلى اعتماده بشكل واسع في عدد متزايد من القطاعات.

الخطوة الثانية: الانتقال من العام إلى الخاص

بعد التمهيد، تنتقل تدريجيًا من الحديث العام إلى موضوعك المحدد. هنا تبدأ بتضييق زاوية الطرح حتى تضع القارئ أمام القضية الأساسية التي ستعالجها. هذه الخطوة تكون بمثابة جسر بين العام والمتغيرات المحددة وآتيًا مثال توضيحي: 

ومن بين تلك القطاعات التي تأثرت بموجة التحول الرقمي، يبرز قطاع التعليم العالي بوصفه أحد أكثر المجالات التي  استفادت من تطبيقات الذكاء الاصطناعي، سواء في الجوانب الإدارية أو الأكاديمية؛ حيث بدأت الجامعات في اعتماد تقنيات ذكية تسهم في تحسين جودة الأداء المؤسسي، من خلال تسريع الإجراءات وتحليل بيانات الطلبة بشكل أكثر دقة وفاعلية.

الخطوة الثالثة: عرض المتغيرات الأساسية

في هذه الخطوة، تبدأ بتقديم المتغيرات الرئيسة للدراسة (المستقل والتابع) بلغة مبسطة دون الدخول في تعاريف علمية معقدة. الهدف هنا هو توضيح ماهية الدراسة، وبناء أرضية للقارئ ليفهم العلاقة التي تريد دراستها وفي ما يأتي توضيح لذلك:

"وتسعى هذه الدراسة إلى استكشاف العلاقة بين تطبيقات الذكاء الاصطناعي—مثل أنظمة التحليل التنبئي، والتعلم الآلي، والدردشة الذكية—بوصفها متغيرًا مستقلًا، وبين الأداء المؤسسي في التعليم العالي كمتغير تابع، من حيث جودة الخدمات، وفعالية اتخاذ القرار، ورضا المستفيدين."

الخطوة الرابعة: توضيح أهمية الدراسة

الآن بيّن لماذا هذا الموضوع مهم. هل هناك فجوة في الدراسات السابقة؟ هل هناك حاجة ميدانية أو عملية لهذه الدراسة؟ هذه الفقرة تساعد القارئ على فهم القيمة الحقيقية للبحث.

تبرز أهمية هذه الدراسة في ظل التحديات التي تواجه مؤسسات التعليم العالي في تحسين أدائها ومواكبة التغيرات التقنية المتسارعة. كما أن قلة الدراسات التي تناولت بشكل مباشر أثر الذكاء الاصطناعي على الأداء المؤسسي في البيئة التعليمية العربية تفتح المجال أمام هذه الدراسة لسد فجوة علمية قائمة وتقديم تصور جديد يُسهم في تطوير العمل المؤسسي.

الخطوة الخامسة: عرض الهدف الرئيسي للدراسة

في نهاية المقدمة، من الضروري أن تُصرّح بالهدف الرئيسي للدراسة. هذه هي النقطة التي تُشكّل ختامًا طبيعيًا ومنطقيًا للمقدمة، وتمهّد للدخول في تفاصيل فصول الدراسة التالية وفي ما يأتي توضيح لذلك: 

لذا تهدف هذه الدراسة إلى تحليل أثر تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تحسين الأداء المؤسسي داخل مؤسسات التعليم العالي، من خلال قياس العلاقة بين مستوى تبني هذه التقنيات ومؤشرات الأداء الوظيفي والإداري.

وبناءً على ما سبق فإن عناصر مقدمة بحث علمي أصيل  تتضمن الآتي: التمهيد العام، الانتقال التدريجي إلى الموضوع الخاص، الإشارة إلى المشكلة، لمحة عن المتغيرات أو المفاهيم، وتلميح للهدف أو التوجه البحثي. وكل هذه العناصر تُقدَّم بلغة علمية دقيقة، تلتزم بالحياد، وتتجنّب الحكم الشخصي أو الإفراط في الوصف.

كيف تختلف مقدمة البحث من مرحلة دراسية لأخرى؟

 بعد أن تمت الإجابة عن التساؤل كيف تكتب مقدمة بحث ؟ لابد من توضيح أن مقدمة البحث العلمي j من مرحلة دراسية إلى أخرى (بكالوريوس، ماجستير، دكتوراه)  في العمق، الأسلوب، ومستوى التحليل، لأن كل مرحلة تتطلب مستوى أعلى من التفكير العلمي والمنهجي. وفي ما يأتي توضيح للفروقات بشكل بسيط وواضح:

أولًا: مقدمة بحث مرحلة البكالوريوس

السمات العامة:

  • بسيطة وواضحة ومباشرة.

  • تركّز على عرض الموضوع بشكل عام بدون تعقيد نظري.

  • تعتمد على مصادر محدودة (غالبًا كتب أو مقالات عامة).

  • تفتقر أحيانًا للجدل العلمي أو الفجوة البحثية الدقيقة.

ما تحتويه غالبًا:

  • تمهيد عام للموضوع.

  • تحديد أهمية الدراسة بشكل بسيط.

  • الإشارة إلى المشكلة أو السؤال الرئيس.

  • الهدف العام للدراسة.

هدفها:

إظهار فهم الطالب للموضوع وإمكانية تطبيق أدوات البحث الأساسية.

ثانيًا: مقدمة بحث مرحلة الماجستير

السمات العامة:

  • أكثر عمقًا من مرحلة البكالوريوس.

  • تُبنى على مراجعة علمية أوسع.

  • تبرز فجوة بحثية واضحة أو مشكلة متخصصة.

  • تعكس فهمًا منهجيًا واضحًا للموضوع والمجال.

ما تحتويه غالبًا:

  • عرض السياق العام والخاص للدراسة.

  • تحليل الخلفية النظرية بشكل مبسط.

  • الإشارة إلى الدراسات السابقة والفجوات الموجودة.

  • عرض مبررات الدراسة علميًا وميدانيًا.

  • صياغة دقيقة للمشكلة والهدف.

هدفها:

تبرير اختيار الموضوع وتحديد موقع الدراسة ضمن الجدل العلمي القائم.

ثالثًا: مقدمة بحث مرحلة الدكتوراه

السمات العامة:

  • عميقة جدًا ومعقدة من الناحية المفاهيمية والمنهجية.

  • تُظهر إلمامًا واسعًا بالأدبيات المتخصصة.

  • تحتوي على جدل نقدي بين التوجهات النظرية.

  • تبني مشكلة بحثية دقيقة جدًا غير مكررة.

ما تحتويه غالبًا:

  • مراجعة نقدية للاتجاهات العلمية المرتبطة بالموضوع.

  • عرض الفجوات العلمية بدقة.

  • صياغة المشكلة ضمن إطار نظري ومنهجي واضح.

  • بناء تسلسل منطقي ينقل القارئ من الخلفية العامة إلى هدف بحثي أصيل.

  • إشارات مبكرة إلى مساهمة الباحث المتوقعة في المعرفة.

هدفها:

إثبات أصالة الباحث وقدرته على إنتاج معرفة جديدة ذات قيمة علمية حقيقية.

يوضح الجدول (1) أهم الفروق ما بين عناصر مقدمة البحث العلمي ووفقًا للمرحلة الدراسية

العنصر بكالوريوس ماجستير دكتوراه
العمق أساسي ومباشر متوسط – تحليل أولي عميق – تحليلي ونقدي
عرض المشكلة بشكل عام بصيغة علمية دقيقة بصيغة متخصصة ضمن فجوة علمية
استخدام المصادر محدود متنوع وحديث مكثف ومتقدم (دراسات رصينة)
الهدف من المقدمة عرض الموضوع تبرير الدراسة تأسيس مشروع علمي أصيل
اللغة والأسلوب واضحة ومباشرة علمية ومتخصصة نسبياً علمية دقيقة ونقدية

الجدول (1): الفروق ما بين عناصر مقدمة البحث العلمي ووفقًا للمرحلة الدراسية

 

ما الفرق بين المقدمة الافتتاحية وباب المقدمة؟

تختلف المقدمة الافتتاحية عن باب المقدمة في عدة جوانب جوهرية تتعلق بالوظيفة والمحتوى والطول والأسلوب. فالمقدمة الافتتاحية تُعد تمهيدًا عامًّا للموضوع، تُكتب عادةً في أول البحث أو الرسالة بهدف جذب القارئ وتعريفه بالمجال العام للدراسة. لا تتضمن هذه المقدمة تفاصيل علمية دقيقة أو بنية واضحة، وإنما تُكتب بأسلوب تعبيري بسيط يُمهّد لفكرة الدراسة بشكل موجز دون الغوص في عناصرها الأساسية. وتُستخدم في بعض الرسائل كجزء تعبيري تمهيدي، وقد لا تحمل عنوانًا خاصًا بها، بل تكون مجرد تمهيد قبل بداية فصول الرسالة أو الأبواب الرسمية.

أما باب المقدمة، والذي يُعد أول فصل رئيسي في الرسائل الجامعية (وخاصة في دراسات الماجستير والدكتوراه)، فهو أكثر تفصيلًا وتنظيمًا. ويُكتب بصيغة أكاديمية علمية تتضمن عدة عناصر أساسية مثل: المقدمة النظرية الموسعة، مشكلة الدراسة، أسئلتها أو فروضها، أهدافها، أهميتها، مصطلحاتها، وحدودها، إلى جانب لمحة عن منهج البحث المستخدم. باب المقدمة لا يكتفي بالتمهيد، بل يُعتبر اللبنة الأولى لبناء البحث كله، لأنه يضع القارئ مباشرة داخل السياق العلمي والعملي للدراسة، ويُعرّفه بالمنطق الذي بُني عليه العمل البحثي كاملًا.

وبينما تكون المقدمة الافتتاحية حرة في صياغتها، تُكتب بلغة سهلة، وتُركّز على جذب الانتباه، فإن باب المقدمة يُكتب بلغة منهجية أكثر دقة، ويخضع لمتطلبات التوثيق الأكاديمي والهيكل العلمي المنظم. لذلك، فإن الفرق بينهما لا يكمن فقط في الطول أو الأسلوب، بل في الغرض العلمي لكل منهما: فالمقدمة الافتتاحية تُمهّد، أما باب المقدمة فيُؤسّس.

الفرق الجوهري ما بين مقدمة بحث علمي والنبذة المختصرة

تُعد مقدمة البحث العلمي جزءًا أصيلًا من متن الدراسة، وهي الفصل التمهيدي الذي يفتتح به الباحث عرضه التفصيلي لموضوعه، حيث يقدّم من خلالها الخلفية النظرية العامة، ويُمهّد للقضية التي سيتناولها، مبينًا ملامح المشكلة، والسياق الذي تنبع منه، وأهمية الموضوع، وأحيانًا يُلمّح إلى الأهداف العامة. وتتميز المقدمة بأنها تُكتب بأسلوب تحليلي متسلسل، يبدأ من العام وينتهي بالخاص، ولا تُعرض فيها النتائج أو الإجراءات أو التوصيات، بل تُستخدم لتهيئة القارئ للدخول في متن البحث وتكوين تصور عام عنه.

في المقابل، فإن النبذة المختصرة – أو ما يُعرف بالملخص – لا تُعد جزءًا من فصول البحث الداخلية، بل تُكتب خارج المتن، وتكون مرفقة في الصفحة الأولى بعد الغلاف مباشرة أو في صفحات التقديم، وهي تُقدَّم عادة إلى لجان التحكيم أو القرّاء بهدف إعطائهم خلاصة مركّزة عن البحث كله. يتضمن الملخص عرضًا سريعًا للمشكلة، والأهداف، والمنهج، والعينة، وأبرز النتائج، والتوصيات الأساسية، ويُكتب بلغة أكاديمية ومباشرة، وغالبًا لا يتجاوز 250 إلى 300 كلمة.

وفي ظل ما سبق فإن المقدمة تُكتب للتمهيد المنطقي والعلمي لفكرة البحث دون عرض النتائج، بينما الملخص يُكتب لعرض صورة شاملة سريعة تغني عن قراءة البحث كاملًا، ويحتوي على النتائج والتوصيات باختصار شديد. أما فيما يتعلق في الفرق بين مقدمة بحث علمي وتمهيد البحث فيكمن في أن يكمن في أن المقدمة جزء منهجي مُخطّط، تُكتب بلغة علمية منظمة وتحتوي عناصر أساسية في بناء البحث، بينما التمهيد عبارة عن مداخلة حرة مختصرة، تُكتب بأسلوب تعبيري وقد لا تكون مطلوبة في جميع أنواع الدراسات. 

نصائح هامة لكتابة مقدمة بحث علمي أصيل

يوجد عدد من  النصائح لكتابة مقدمة البحث العلمي بشكل احترافي وهي كما يأني

  • أول نصيحة تتعلق ببداية المقدمة؛ يجب أن تبدأ بتحديد الإطار العام للموضوع بأسلوب واضح وغير مباشر. تجنب الدخول المفاجئ في صلب المشكلة، وابدأ بتقديم خلفية فكرية أو واقعية تُمهّد للقارئ فهم طبيعة المجال الذي تنتمي إليه الدراسة، مما يخلق نوعًا من التدرج المنطقي في العرض.
  • من المهم أن تُبنى المقدمة على مراجع علمية موثوقة، حتى لا تظهر وكأنها وصف إنشائي عام. لذلك، يُفضل أن تُدعم الفكرة الأساسية بمراجع نظرية أو دراسات سابقة دون الإفراط في الاقتباس أو التحليل، لأن هذه المهمة ستُخصص لاحقًا لفصل الإطار النظري.
  • عند الانتقال من العام إلى الخاص، احرص على ألا يكون التحول فجائيًا، بل اجعل كل فقرة تمهّد لما يليها، حتى تصل بسلاسة إلى عرض المشكلة البحثية التي تشكّل جوهر دراستك. ولا تذكر المشكلة بصيغة مباشرة، بل قدّمها تدريجيًا على هيئة تساؤل ضمني أو إشكالية تستدعي التدخل العلمي.
  • احرص كذلك على إبراز الأهمية النظرية أو التطبيقية للموضوع بشكل مقنع، واشرح لماذا يستحق هذا البحث أن يُنجز، سواء من زاوية وجود فجوة في الدراسات السابقة، أو من خلال الحاجة الواقعية لمعالجة ظاهرة أو مشكلة قائمة. هذا الجزء يُظهر وعي الباحث بقيمة ما يقدّمه.
  • تجنّب إدراج تفاصيل منهجية داخل المقدمة، مثل نوع العينة أو أدوات القياس أو طرق التحليل، لأن هذه المعلومات تُخصص لفصل المنهجية. كذلك، لا تذكر النتائج أو التوصيات ضمن المقدمة، لأن ذلك يسبق وقته علميًا ويُضعف من تراتبية فصول البحث.
  • وأخيرًا، تأكد من أن أسلوب الكتابة في المقدمة علمي وموضوعي وخالٍ من اللغة العاطفية أو الأحكام المسبقة. المقدمة الجيدة لا يجب أن تكون مجرد تلخيص أو عرض عشوائي، بل بناء متماسك لأفكار تمهّد لفهم عمق الدراسة.

نماذج متنوعة توضح مقدمة بحث علمي أصيل

 تربية وتعليم

عنوان نموذجي: أثر استخدام استراتيجيات التعلم النشط على تنمية مهارات التفكير الإبداعي لدى طلبة المرحلة الأساسية

في ظل التطور المتسارع في نظريات التعليم وأساليبه، أصبحت استراتيجيات التعلم النشط من بين أكثر المفاهيم التي حظيت باهتمام المربين والباحثين، نظرًا لدورها في تحفيز مشاركة الطلبة وتعزيز قدراتهم على التفكير والتحليل. وقد أثبتت التجارب التربوية الحديثة أن اعتماد الطالب على ذاته في عملية التعلم، بدلًا من الاقتصار على التلقي، يسهم بشكل فعّال في بناء شخصيته وتطوير مهاراته. وبالرغم من هذا، ما تزال بعض البيئات التعليمية تعتمد على النمط التقليدي في التدريس، الأمر الذي قد يُضعف من فرص الطلبة في تنمية مهارات التفكير الإبداعي. ومن هذا المنطلق، تسعى هذه الدراسة إلى استقصاء أثر استخدام استراتيجيات التعلم النشط في تعزيز قدرات الطلبة الإبداعية داخل الصفوف المدرسية.

علم النفس

عنوان نموذجي: العلاقة بين التوافق النفسي والتحصيل الدراسي لدى طلاب الجامعة

يشكّل التوافق النفسي أحد العوامل الجوهرية التي تؤثر في أداء الفرد الأكاديمي، لا سيما في المراحل التعليمية العليا التي تتطلب قدرة عالية على إدارة الضغوط والتعامل مع التحديات النفسية والاجتماعية. ويُعد طلبة الجامعة من أكثر الفئات تعرّضًا لمتغيرات حياتية قد تؤثر على توازنهم النفسي، مثل الانتقال إلى بيئة جديدة، أو الضغوط الأكاديمية، أو غياب الدعم الاجتماعي. من هنا، بدأ الباحثون يهتمون بدراسة العلاقة بين التوازن النفسي والتحصيل العلمي، لتحديد مدى تأثير الصحة النفسية في الإنجاز الأكاديمي. في هذا السياق، تأتي هذه الدراسة لتبحث في العلاقة بين التوافق النفسي ومستوى التحصيل الدراسي لدى طلاب إحدى الجامعات العربية.

إدارة أعمال

عنوان نموذجي: دور القيادة التحويلية في تحسين جودة الأداء الوظيفي في المنظمات الخدمية

في بيئات العمل المعاصرة، لم تعد أساليب القيادة التقليدية كافية لمواكبة التحديات المتزايدة، ما دفع المنظمات إلى تبني أنماط قيادية أكثر فاعلية. وتُعد القيادة التحويلية من أبرز هذه الأنماط التي ترتكز على تحفيز العاملين، وبناء الثقة، وإشراكهم في الرؤية المستقبلية للمؤسسة. وقد أظهرت العديد من الدراسات أن هذا النمط القيادي يسهم بشكل واضح في تحسين جودة الأداء الوظيفي، ورفع معدلات الرضا المهني. ورغم هذه المؤشرات، لا تزال الحاجة قائمة إلى دراسات تركز على السياقات المحلية وتُظهر مدى نجاح هذا النوع من القيادة في المؤسسات الخدمية. ومن هنا، تنطلق هذه الدراسة لتسليط الضوء على العلاقة بين القيادة التحويلية وجودة الأداء الوظيفي في بيئات العمل الخدمية.

تقنية معلومات

عنوان نموذجي: أثر تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تحسين الأداء المؤسسي في قطاع التعليم العالي

أدى التقدم الكبير في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي إلى تغييرات جوهرية في طريقة عمل المؤسسات بمختلف قطاعاتها، حيث أصبح الذكاء الاصطناعي أداة مركزية لتحسين الكفاءة، واتخاذ القرارات، وتقديم خدمات أكثر دقة ومرونة. ويشهد قطاع التعليم العالي، تحديدًا، توجهًا متزايدًا نحو دمج هذه التطبيقات في عملياته الإدارية والأكاديمية، بدءًا من تحليل البيانات الطلابية، إلى تخصيص المحتوى التعليمي، وتطوير نظم دعم القرار. إلا أن هذا التوسع في الاستخدام يرافقه تساؤل أساسي حول مدى تأثيره الفعلي على الأداء المؤسسي. ومن هذا المنطلق، تسعى هذه الدراسة إلى فهم طبيعة هذا التأثير في بيئة الجامعات العربية.

 العلوم الصحية

عنوان نموذجي: فعالية برنامج تدريبي للتوعية بمرض السكري من النوع الثاني لدى الفئة الشبابية

أصبح مرض السكري من النوع الثاني من أكثر الأمراض المزمنة انتشارًا على مستوى العالم، ولم يعد محصورًا في الفئات العمرية المتقدمة كما كان في السابق. فقد أظهرت الإحصاءات الحديثة تزايدًا لافتًا في معدلات الإصابة بين الفئات الشابة، وهو ما يُنذر بمضاعفات صحية واقتصادية كبيرة. في هذا الإطار، تبرز الحاجة إلى تعزيز الوعي الصحي لدى هذه الفئة العمرية، عبر برامج تدريبية وتثقيفية تُقدَّم بطريقة تتناسب مع أسلوب حياتهم وسلوكهم التفاعلي. وعليه، تهدف هذه الدراسة إلى تقويم فعالية أحد البرامج التدريبية في رفع مستوى الوعي حول السكري من النوع الثاني لدى فئة الشباب الجامعي.

قانون
عنوان نموذجي: المسؤولية المدنية عن الأضرار الناجمة عن الذكاء الاصطناعي في القانون المدني

يشهد العالم تطورًا متسارعًا في مجال الذكاء الاصطناعي، والذي أصبح جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية، بدءًا من أنظمة القيادة الذاتية، إلى التطبيقات الذكية التي تُستخدم في الخدمات الطبية والتجارية والمالية. ورغم الفوائد الهائلة التي يوفرها هذا التقدم التقني، إلا أنه يطرح في المقابل إشكالات قانونية جديدة، من أبرزها مسألة المسؤولية المدنية عن الأضرار التي قد تنتج عن قرارات أو تصرفات الأنظمة الذكية. فقد بات من غير الواضح ما إذا كان من الواجب تحميل المسؤولية لمطوّر البرنامج، أو لمستخدمه، أو للجهة المالكة، خاصة في ظل غياب وعي قانوني شامل حول طبيعة هذه الأنظمة. من هنا، تطرح هذه الدراسة تساؤلًا جوهريًا حول كيفية تنظيم المسؤولية المدنية في هذا السياق، ومدى كفاية النصوص القانونية التقليدية لمعالجة هذه القضايا المستحدثة في ضوء مبادئ العدالة والإنصاف.

الفقه والشريعة
عنوان نموذجي: أحكام الاستثمار في العملات الرقمية في ضوء مقاصد الشريعة الإسلامية

مع توسّع حركة التعاملات المالية الإلكترونية في العصر الحديث، ظهرت أنواع جديدة من الأصول والمبادلات لم تكن معروفة من قبل، من أبرزها العملات الرقمية المشفرة مثل "بيتكوين" و"إيثيريوم"، والتي أثارت جدلًا واسعًا في الأوساط الاقتصادية والشرعية على حدّ سواء. فقد تنوّعت آراء الفقهاء المعاصرين حول مشروعية هذه العملات، وتباينت الأحكام بناءً على النظر في طبيعتها، ووظيفتها، ومدى تحقق الضوابط الشرعية في تداولها. ويبرز التحدي الأكبر في غياب تشريع واضح من حيث الأصل، ما يفتح الباب لاجتهادات تعتمد على المقاصد العامة للشريعة، ومبادئ العدالة، وعدم الغرر، وحماية المال. ومن هذا المنطلق، تتناول هذه الدراسة الأحكام الفقهية المرتبطة بالعملات الرقمية، من خلال ربطها بالمقاصد الكلية للشريعة، لتقديم رؤية فقهية أصيلة تستند إلى الاجتهاد المعاصر في التعامل مع النوازل المالية.

مقدمة بحث جاهزة

يرى بعض الباحثين الجدد أن بإمكانهم الاعتماد على مقدمة بحث جاهزة  يمكن نسخها أو تعديلها لتناسب أي موضوع؛ إلا أن هذا التصور غير دقيق من الناحية العلمية، بل يتعارض مع طبيعة البحث الأصيل. فالمقدمة لا تُعدّ مجرد جزء شكلي أو تمهيد عام، بل هي عنصر جوهري يعكس خصوصية كل دراسة، وترتبط ارتباطًا مباشرًا بمجال التخصص، ومشكلة البحث، والمنهجية المتبعة. وعليه، فإن صياغة المقدمة تختلف بشكل كبير من بحث إلى آخر، إذ لا يمكن اعتماد قالب موحّد يصلح لكل الموضوعات، فالمقدمة القانونية تختلف عن المقدمة التربوية، ومقدمة البحث الشرعي تختلف عن مقدمة البحث في العلوم التطبيقية. كما أن أسلوب العرض وتسلسل الفقرات فيها يتشكل حسب نوع المتغيرات والهدف من الدراسة. ومن هنا، فإن الباحث الجاد مطالب بأن يكتب مقدمته بنفسه، ويصوغها بناءً على فهمه العميق لموضوعه وإدراكه للسياق العلمي الذي يتحرك فيه بحثه.

نصائح ختامية لضمان جودة خاتمة البحث:

في ختام هذا المقال، تم استعراض نماذج متعددة في مجالات علمية، قانونية، وفقهية، لتوضيح كيفية بناء مقدمة بحث علمي تتوافق مع طبيعة التخصص والمنهج العلمي المتبع. وقد تم التأكيد على أن مقدمة البحث العلمي تمثّل مدخلًا منهجيًا وفكريًا أساسيًا، يُهيّئ القارئ لفهم خلفية الدراسة ومسوّغاتها، ويحدّد بوضوح الإطار العام الذي تنطلق منه الدراسة نحو تحقيق أهدافها.

من أبرز التوجيهات التي يُوصى بها عند إعداد مقدمة بحث علمي: الالتزام بالطرح المنطقي المتسلسل، وضوح المفاهيم، تجنّب التكرار أو الخروج عن موضوع الدراسة، وتهيئة القارئ تدريجيًا للوصول إلى هدف الدراسة الرئيسي.

ويُنصح الباحث بعرض المقدمة على مشرف أكاديمي أو مختص في المجال، للتأكد من تماسكها المنهجي وقوتها العلمية، وضمان انسجامها مع بقية مكونات البحث.

ولمزيد من التوضيح، يُمكنكم مشاهدة هذا الفيديو التوضيحي عبر قناة يوتيوب: اضغط

كما يمكنكم التواصل مع موقع مبتعث للدراسات والاستشارات الأكاديمية لطلب المساعدة في إعداد الخاتمة أو مراجعة البحث بالكامل.

يقدم موقع مبتعث للدراسات والاستشارات الاكاديمية العديد من الخدمات في رسائل الماجستير والدكتوراة لطلبة الدراسات العليا .. لطلب اي من هذه الخدمات اضغط هنا


ابقى على تواصل معنا ... نحن بخدمتك